محاد يحكي: قصة الحركة الجزائرية المناهضة للتكسيرالهيدروليكي

350 Arab World
قصصنا المناخية
7 min readDec 5, 2016
تسجيل صوتي مصاحبا لصورمن مظاهرات ضد الغاز الصخري في الجزائر

قامت مظاهرات ضد استخراج الغاز الصخري في جنوب الصحراء الجزائرية في عام 2015، ولعب محاد قاسمي دورا محوريا بها.

محاد من سكان ولاية أدرار ويملك ورشة لأعمال الحدادة ومتزوج. بدأ محاد نشاطه النضالي في الجزائر كناشط حر متضامن مع حركة البطالين (الشباب الذي لا يجد فرص عمل في الجزائر) وعندما سمع عن بدء استخدام تقنية التكسير الهيدروليكي في الجزائر ساهم مع الكثير من النشطاء في عملية التوعية والتحسيس وتنظيم الحراك في الولايات الجنوبية المختلفة لمواجهة هذا الخطر المباشر على حياتهم، وهو أمر مرتبط أيضا بمواجهة تغير المناخ، حيث أن الغاز الصخري من مصادر الوقود الأحفوري التي شرعت الجزائر في التنقيب عنها و تستهلكها الدول الأوروبية.

محاد قاسمي

تحدثت مع محاد أول مرة حين قابلته في تونس أوائل العام 2015 وكانت أول مرة له خارج الجزائر، ثم قابلته مرة أخرى على هامش مؤتمر المناخ بالمغرب وسمحت لي الفرصة لأجلس معه وأسمع قصة كفاح مدينة عين صالح التي اندلعت بها بدايات الحركة الجزائرية لمناهضة استخراج الغاز الصخري باستخدام التكسير الهيدروليكي وهي تقنية استخراج الغاز من داخل صخور في باطن الأرض عن طريق ضخ مياه الضغط العالي الممزوجة بكيماويات سامة، وتؤثر تاثيرا بليغا على البيئة الصحراوية الهشة بما في ذلك المياه الجوفية .

البداية

بدأنا في 2012 والانفجار حصل في 2015. الخطة كانت بسيطة جدا. في 2014، كانت أول مسيرة في ولاية أدرار وكان بالنسبة لنا من المهم خلق هذه الحركة البسيطة لأنه كان منتظرا ان يصدر قرار من البرلمان باستخدام التكسير الهيدرولكي خلال يومين. ومن بعدها في 3 جوان (يونيو) 2014 وقعت الحركة الثانية في ورقلة وكانت أكبر حجما، ومن هنا بدأت تكبر الفكرة.

النظام والحكومة فضلت أن تعلن رسميا عن بداية الحفر، في مكان يبعد عن ورقلة 1200 كم وبعيد عن أدرار 500 كم وبعيد عن مقر الولاية التابع لها 700 كم وهي منطقة عين صالح على اعتقاد أنها منطقة معزولة قليلة السكان وكان الاعتقاد أن النشطاء في هذه المناطق المتباعدة لا يتواصلون. كان يجب أن نترك عين صالح تعتقد أنها تتحمل المسؤولية وحدها وكان يجب أن يعتقد السلطة أن الوضع هادئ تماما.

عندما قررنا التحرك في عين صالح — كانت قبلها عطلة ١ جانفيي (يناير) 2015 للطلبة الجامعين، وكان الطلبة وطالبات الجامعات موجودين في المنطقة كعطلة، قمنا باستغلال فرصة تواجدهم فانتشروا بشكل واسع وبذلو مجهود تنظيمي كبير جدا في ظرف 3 أو 4 أيام كان الاعتصام قائما ومنظما ، الحقيقة لم نكن نتوقع الهبة التي حدثت ولكن ما كان مهم بالنسبة لي هو بقائهم في إعتصام على الأقل لمدة 15 يوم ونجحوا واستمروا إلى 5 شهور. العمل الذي قمنا به كان بداية انطلاق الحركة في عين صالح مع أنهم كانوا يعتقدون أنهم وحدهم وكانت هناك لجنة شعبية تخصهم وحدهم، على أساس أن السلطة كانت دائما تفرق بين الأحياء وبين الولايات وكأن عين صالح منطقة ليست في الجزائر، وكأني وأنا من أدرار لا أتواصل مع الولايات الأخرى، فهذه العقدة تم حلها وعقبة تم تجاوزها وتعتبر احد اهم مكاسب النضال .

جاءت المساندة من الولايات الأخرى بعد 10 أيام مباشرة خاصة ولاية ورقلة والتجمع الوطني الضخم بمساهمة وطنية . وكل الولايات القريبة من عين صالح بدأت تنظم احتجاجات وبالتالي شعر المعتصمون بعين صالح بثقل المسؤولية و لم يقدروا أويفكروا في التراجع واستمرت الاحتجاجات والاعتصامات على هذا المنوال إلي جوان (يونيو) 2015، ووقفت آليات الحفر الهيدروليكي حتى الآن حتى ولو رمزيا وأعتقد أن هذا نجاح كبير.

الدولة

الذي حدث بعد انتهاء الاحتجاجات أن هؤلاء النشطاء الذين كانوا يعملون في الميدان وكانت السلطة تغض الطرف عن مطالبهم الاجتماعية والبسيطة وتعتقد أن لن يكون هناك توحد في الحركات، أصبحت الآن تدرك أن هذا هو الخطر، وجود هذه الفئات المتباعدة ونشاطهم الصغير هو الذي سيخلق فيما بعد حركة قوية. بالتالي من بعد شهر من وقف الاعتصام وعودة الحياة الطبيعية في المنطقة تلازمت بعدها كل حركة احتجاجية مع متابعات امنية وقضائية ومحاكمات ترتب عليها احكام قضائية بالسجن الغير نافذ عادة او الرقابة القضائية وبالسجن في حالات قليلة جدا ما جعل النشطاء يشعرون بالتضييق واشتداد القبضة مقارنة مع ما قبل عين صالح خاصة ان هناك العديد من الاحكام الغير نافذة. لكن بالمقابل نحن كذلك لدينا طريقتنا في التعامل وعندنا الوقت و سنتجاوز هذه الأزمة إن شاء الله.

مساندة الحركة للنشطاء الذين يواجهون أحكام قضائية

نحن نؤمن أن المساندة تبدأ محليا. فكرة أن يعتقل شخص ويحاكم وتحاول أنك تعطي رؤية أن النظام قمعي، ولا يحترم الحريات وغير ديمقراطي، كل هذه الشعارات أصبحت غير مجدية. وبالتالي خلق تضامن داخل المجتمع المحلي مهم جدا لأن هذا هو الأمان الحقيقي. نحن لا نروج أن النظام قمعي ولا نعتمد على هذا. نحن نعتمد على أن يبقى هناك هدوء حتى تستمر الأفكار في النضج، لأن المجتمع إذا شاهد أن هناك أحكام قضائية وإعلاميين يروجون أنه غير ديمقراطي فربما المجتمع يتخوف ويتراجع، لكن إذا بقيت صامدا وربما تغطي على بعض هذه الممارسات لأنك تريد من المجتمع ان يشعر أن هذا هو الوضع الطبيعي، وأننا يجب أن نساند بعضنا البعض ونمشي في مسارنا ونستعمل الشارع فضاء للدفاع عن حقوقنا، نعتقد ان هذا هو المطلوب. وحتى ولو كانت بعض هذه الأحكام القضائية فيها ما يقال ولكننا نحاول الآن أن نلتزم الهدوء حتى تمر هذه المرحلة وعندما نتحرك، نتحرك بأفضل طريقة وعلى نطاق أوسع علي حسب المعطيات والأمور الموجودة في المستقبل. إذا كنت محتاج للشارع ووجوده في المستقبل يجب أن تعطيه الأمان وأن هذا كله لا يشكل خطرا على أمنه ولن يعرضه للسجن أو يتسبب في سقوط الدولة.

لماذا الحركة ضد الغاز الصخري الآن

عندما نتكلم عن السياسة البترولية في الجزائر، يجب أن نعلم أنها موروثة عن الاستعمار الفرنسي. بدأ الحفر والاستغلال للصحراء الجزائرية قبل الاستقلال. وبعد الاستقلال، استعمل النظام نفس الاسلوب الذي كان ينتهجه المستعمر كعدم الاكتراث لبيئتنا، ومياهنا والتنمية. حتى لو كانت أبار البترول موجودة في الصحراء، هو لا يكترث لتنمية هذه المناطق النائية والبعيدة وهو جاء بفكر استعماري فعلا.

التجارب الماضية والتراكم الذي وقع ساعدنا كثيرا وهو موجود الآن. الأمر لا يتعلق بنضج أو بتحرك بفئات معينة مثل المرأة أو الطفل أو الشيخ. هذا الشيخ الموجود الآن كان شاب موجود في الستينات أو السبعينات وبالتالي تركته موجودة. نحن لا ندعي شيء كذب أو شيء غير موجود. هذه حقيقة موجودة في الميدان وحتى السلطة معترفة بها. هناك مشاكل بيئية وقعت في حاسي مسعود وعين صالح وبالنسبة للموالين وأصحاب الجمال هناك مشاكل وقعت لمدة سنوات وبالتالي القضايا عادلة ولم نخلقها نحن ولكن خلقها سلوك السلطة . لما جاءت قضية الغاز الصخري كانت القشة التي قسمت ظهر البعير:”أنت تهمشني وتلوث لي بيئتي، ولا تعطيني تعليم بنفس المستوى في الجنوب كالشمال، كل هذا وفي النهاية أنت تستهدف أيضا مائي” الثروة الاهم في المنطقة وفي الوطن وفي العالم. مازال عندنا البترول والغاز العادي ولكن هم مصممون يسبقوا الأحداث ويكتشفوا أبار ويلوثوا المياه. هذا كان كافي أن يخرج الأطفال والنساء والرجال. وكان عندنا فرصة اننا نجمع كل هذه الفئات. صورة المرأة موجودة أمام الاعتصام هي موجودة حتى الآن. حتى عندما تقع مشاكل المرأة موجودة. ومشاركة كل هذه الفئات في الشان العام مكسب اخر من مكاسب النضال والاكيد انه لن يمر بسهولة مستقبلا .

الوضع الحالي والمستقبلي

عمليا حتى الآن لا توجد معلومات عن وجود حفر حتى في عين صالح وأنا متأكد أنه غير موجود. ولكن لا استبعد في ظل نظام ضعيف أمام الشركات وقادر على خلق كل الحيل للالتفاف، وخاصة في منطقة صحراوية، أنه ممكن يكون فيه شيء. نحن نعتقد أن حتى لو فيه بئر أو اثنين أو ثلاثة دون علمنا، في المستقبل الحقيقة ستظهر، ونحن عندنا الآليات والأسماء الأشخاص المستعدون أن يكونوا موجودين. نحن نبحث عن أي بئر موجود فيه الغاز الصخري نكون موجودين أمامه ونعتصم. هذه هي الطريقة بكل بساطة.

مطالب من الحركة البيئية والمناخية حول العالم

أول شيء نحن نطالب بالمعلومة بخصوص لو كانت هناك صفقات أعلنت مع الشركات وأيضا بالمعلومة العلمية سواء من الباحثين والخبراء الاقتصاديين إلخ. أنا أبحث عن المعلومة التي تدعم قضيتنا وأفكارنا. أهم شيء هو المعلومة. عندما نتناقش مع المجتمع أو ربما مع السياسي يجب أن يكون عندك الإثبات.

عندما تكون الشركة التي تقوم بالاستغلال عالمية تكون هناك وقفات في الدول التابعة لها هذه الشركات، وهناك مثال لحدوث ذلك في فرنسا مثلا. نحن بحاجة لوقفات وتحركات خاصة في البلدان الرأسمالية والبلدان الأوروبية المحتضنة لهذه الشركات واموالها ومقراتها وتخضع لقوانينها.

الحل طويل الأمد

من الممكن ان نتحدث عن التنمية المستدامة والقطاعات الاقتصادية التقليدية كالزراعة والسياحة وعن ترشيد السياسات الطاقوية خاصة وغيرها من الافكار المطروحة كحل محلي لكن الحقيقة لا يمكن وضع حل محلي لأي منطقة دون ربطها بالعالم كله وكوكب الأرض كله، خاصة عندما نتكلم عن المياه أو المناخ والتي هي كلها قضايا مرتبطة ببعضها البعض. فكرة الرأسمالية التي تعتمد على الطاقة وحركة نقل البضائع الموجودة بين الدول بهذه القوة هي التي خلقت لنا المشاكل الآن. كم تستهلك طائرات ناقلة البضائع والبواخر الناقلة للبضائع من الوقود وكم تستهلك من المواد البترولية. شئ رهيب جدا. بينما كان العالم و كانت الكرة الأرضية أكثر راحة وكانت الناس متعايشة في سلام وكانت المناطق المتباعدة تتعايش مع بعضها البعض بصورة طبيعية جدا دون اللجوء إلى الاستهلاك المفرط والبضاعة.

بالتالي عندما نتكلم عن حلول الطاقة أو بالنسبة لحل مشكلة الغاز الصخري، يلزم أن نسأل، لماذا كل هذه الهمجية الموجودة وهذه الرغبة في الربح إلى هذه الدرجة؟ لنوقف المجالات التي تستهلك طاقة كبيرة. نغير سلوكنا أولا بالنسبة لاستهلاك الطاقة، ونعتمد على الطاقة الشمسية، ونعلم الشركات أن لا يمكن أن نضيع هذا الكوكب ونملأ المصارف بالأموال، لأن هذا غير معقول ، وهو أكبر غباء، و شيء غير مقبول على الإطلاق. ومن أجل حصول هذا التغيير يجب أن نغير الفكر، ونغير على مستوى رأسي وعلى مستوى أفقي.

--

--