“الحلم الحبشي”.. خريطة الاستثمارات الخليجية والإقليمية في إثيوبيا وانعكاساتها السياسية

Abdelrahman Ayyash
10 min readMar 23, 2018

--

أنور إبراهيم / هافينغتون بوست عربي

تم النشر: 14/04/2017

إثيوبيا ليست فقط سد النهضة وما يرتبط به من ذعر يخيف المصريين، كما أنها ليست فقط تلك الأرض التي صدرت يهود الفلاشا إلى إسرائيل قبل سنوات في عملية أثارت الجدل.. هي وراء ذلك كله، البلد الأكثر إغراء للعرب للاستثمار ثم مزيد من الاستثمار الذي غدا حلما ينافس الحلم الأميركي!

وفي هذا الموضوع، نحاول أن نرسم ملامح تلك الخريطة للاستثمارات العربية (ولا سيما الخليجية) في إثيوبيا (الحبشة)، وما قد يقترن بها أحيانا من نفوذ سياسي، ونرصد أيضا ما تقوم به الحكومة الإثيوبية لجذب تلك الاستثمارات وطريقتها الخاصة في استخدام كروتها وعناصر قوتها.

السعودية في مقدمة الدول

تعتبر السعودية، التي تستثمر مبالغ تقدر بنحو 50 مليار ريال (13.3 مليار دولار) بحسب مروان بدري، القنصل العام لإثيوبيا في مدينة جدة، الشريك العربي الأكبر لإثيوبيا، والرابعة من حيث حجم الاستثمار في البلاد، إذ يستثمر السعوديون أموالهم في أكثر من 294 مشروعاً استثمارياً، في مجالات عدة أهمها الزراعة، إذ تصل الاستثمارات السعودية في القطاع الزراعي إلى 13 مليار ريال، ما يعادل 3.5 مليار دولار.

بالإضافة لذلك، تستورد السعودية نحو 6% من إجمالي الصادرات الإثيوبية كل عام، بينما تمد إثيوبيا بالمنتجات البترولية اللازمة لتشغيل الآلات الزراعية والإنتاج الصناعي، وتمثل صادرات المملكة لإثيوبيا 10 بالمائة من جملة ما تستورده إثيوبيا، بحسب وكالة الاستثمار الإثيوبية.

وبدأت الاستثمارات السعودية في إثيوبيا في النمو مع مبادرة الملك عبدالله للاستثمار الزراعي في الخارج عام 2008، باستثمارات بلغت حينها 629 مليون دولار في مجالات تتراوح بين الزراعة والتعدين. وخلال السنوات الماضية، بلغ عدد رجال الأعمال السعوديين في إثيوبيا أكثر من 400 مستثمر.

كذلك تحدَّث مستثمرون لصحف عربية عن مساهماتهم في مشاريع البنية التحتية الإثيوبية، لا سيما الطرق والمواصلات وبناء الجسور، بالإضافة إلى تدريب عشرات الآلاف من العمال الإثيوبيين على استخدام المعدات والآلات والتقنيات الحديثة المتعلقة بالقطاع الزراعي.

لكن العديد من رجال الأعمال السعوديين تحدثوا عن مواجهتهم عقبات متعددة، حيث ذكرت وسائل إعلام سعودية أن عدداً كبيراً من رجال الأعمال السعوديين يسعون لإيقاف مشاريعهم الاستثمارية، بسبب المضايقات التي واجهوها من الحكومة الإثيوبية، أهمها صعوبة التأقلم مع النظام القانوني في إثيوبيا، في ظل اختلاف القوانين من ولاية لأخرى، حيث تختص كل ولاية بقانون للتعامل مع المستثمر، قد يختلف عن غيرها.

كذلك اشتكى المستثمرون السعوديون بسبب شروط صندوق التنمية الزراعية في دعم وإقراض المستثمرين في إثيوبيا، إضافة إلى عدم وجود تسهيلات لتصدير إنتاجهم إلى السعودية، ما جعلهم يبيعون إنتاجهم داخل إثيوبيا، بحسب تصريحات سابقة لمحمد بن عبدالرحمن الشهري، رئيس جمعية المستثمرين الزراعيين السعوديين في إثيوبيا.

لكن الحكومة الإثيوبية من جانبها، وسعياً لتعزيز الاستثمارات السعودية، قررت توحيد قوانين الاستثمار في الولايات الإثيوبية، وهو الأمر الذي تم عقب الزيارات المتبادلة لمسؤولي البلدين.

المستثمر الإثيوبي اجبو محيي حسن، الذي أقام في السعودية لاثني عشر عاماً، ويدير الآن عملاً في الزراعة بشراكة مستثمر سعودي، صرح لهافينغتون بوست عربي بأن “الحكومة قدمت أراضي شاسعة في جنوب إثيوبيا، على أن تُدفع قيمتها آجلاً على مدى عشرين عاماً”. وأكد حسن أن التسهيلات الحكومية تضمنت إعفاءات ضريبية، وتيسير إدخال المواد الزراعية والماكينات وسيارات الشحن.

العمودي .. “الشيخ” في إثيوبيا بمباركة الملك عبدالله

الهدف الرئيسي للاستثمارات السعودية هو توفير الغذاء، ولذلك فقد دخلت العديد من الشركات السعودية في مجال الزراعة، وتحديداً في إقليم غامبيلا غربي البلاد. ويُعد رجل الأعمال السعودي الإثيوبي محمد حسين العمودي، أحد أبرز الوجوه السعودية في إثيوبيا.

باستثمارات تتنوع بين التعدين والزراعة والبنية التحتية، قرر العمودي، المولود في إثيوبيا، استثمار 200 مليون دولار في مزارع الأرز بمنطقة غامبيلا الفقيرة، وبحسب فوربس، تتعدى مساحة مزارع العمودي مساحة 20 ألف ملعب لكرة القدم!

يُقال إن استثمارات العمودي في زراعة الأرز بدأت عندما حصل على مباركة العاهل الراحل، عبدالله بن عبدالعزيز، بعد أن قدم العمودي إلى الملك حفنة من الأرز الإثيوبي، التي أُعجب بها الملك، ليقرر دعم خطط العمودي الطموحة للاستثمار في إثيوبيا.

ويستثمر العمودي أو “الشيخ” كما يطلق عليه الإثيوبيون، الذي تبلغ ثروته 8.5 مليار دولار، في مجالات أخرى غير الزراعة، حيث تدير شركته Midroc منجم الذهم التجاري الوحيد في إثيوبيا، كما قام بإنشاء أكبر مصانع الإسمنت في البلاد عام 2011، هذا بالإضافة إلى استثماراته خارج إثيوبيا، التي تتنوع بين امتلاكه أكبر شركات تكرير البترول في السويد، وحتى عقود الدفاع والأسلحة السعودية.

وتتواجد معظم أعمال العمودي عبر شركتين، إحداهما قابضة، كورال پتروليوم القابضة Corral Petroleum Holdings، والأخرى تنفيذية وهي MIDROC (وهي اختصار Mohammed International Development Research and Organization Companies)، يملكهما ويديرهما بالكامل.

وفي 2009، حصلت شركة سعودي ستار، التي يملكها العمودي، على عقد بالانتفاع بـ10 آلاف هكتار في غامبيلا لخمسين سنة، وبعد ذلك أُضيف إليها 4000 هكتار، لتصبح مشاريع العمودي الأكثر ربحاً للحكومة الإثيوبية التي تعرض 2.5 مليون هكتار للمستثمرين الأجانب، على الرغم من انتفاع العمودي بالأرض بسعر 9.42 دولار سنوياً للهكتار الواحد.

وتستهدف سعودي ستار لإنفاق 100 مليون دولار بحلول عام 2018 لإنهاء 21 كم من قنوات الري، وتهيئة الأرض باستخدام تقنيات الليزر الحديثة، وإدخال ماكينات ومعدات متطورة، وهو ما سينتج عنه ارتفاع في الإنتاج ليصل إلى 140 ألف طن من الأرز سنوياً، وهو ما يكفي لتغطية السوق الإثيوبية بأكملها.

لكن الأمور ليست دائماً على ما يرام، فقد أدى انخفاض منسوب الأمطار إلى انخفاض معدلات الإنتاج المتوقعة، بالإضافة لذلك، يخبرنا مشهد الحراس حول مزارع سعودي ستار بأن إثيوبيا وريفها ليست سهلة الانقياد لرجال الأعمال دوماً.

الإمارات العربية المتحدة تسعى لحماية استثماراتها

في نهاية عام 2014 تجاوز حجم الاستثمارات الإماراتية في إثيوبيا حاجز المليار دولار. وفي زيارة رسمية لوزير الاستثمار الإماراتي سلطان بن سعيد المنصوري،
في أواخر العام 2016 وقعت كل من إثيوبيا والإمارات العربية المتحدة اتفاقية لتعزيز وحماية الاستثمار المتبادل، وهي الاتفاقية التي استغرق التفاوض حولها خمسة أشهر.

وبحسب السيد فسوم أرغا، المدير العام لمفوضية الاستثمار الإثيوبية: “إن الاتفاقية المبرمة تشجع المستثمرين الإماراتيين على الانخراط في مختلف القطاعات في إثيوبيا دون أي تخوف”.

وقال فسوم في تصريحات صحفية عقب توقيع الاتفاقية في ديسمبر/كانون الأول الماضي: “إنه على الرغم من أن حماية الاستثمارات مضمونة بالفعل من خلال قانون الاستثمار، فإن إثيوبيا توقع اتفاقات ثنائية مع عدة دول لتشجيع المستثمرين، حيث إنهم يعتبرون أن تلك الاتفاقات أساسية للبدء في الاستثمارات”.

ويعمل المستثمرون الإماراتيون في مجالات عدة، منها الفندقة والزراعة والأغذية والصناعات الدوائية وتربية المواشي.

وتنشط العديد من المشاريع الاستثمارية الإماراتية في إثيوبيا، مثل مصنع سيراميك رأس الخيمة ومصنع جلفار للأدوية وفندق حياة ريجنسي وعدد من المصانع التي تعمل في مجال التصنيع الغذائي.

وتتركز الاستثمارات الإماراتية في قطاعات الزراعة والصناعات الزراعية (21 مشروعاً)، والصناعة (37 مشروعاً)، والعقارات وتأجير الآلات وتقديم الاستشارات (20 مشروعاً)، الإنشاءات وأنشطة حفر الآبار (7 مشاريع)، التعدين والصحة والفندقة (5 مشاريع) ، بحسب بيانات هيئة الاستثمار الإثيوبية.

ويبلغ إجمالي عدد المشاريع الاستثمارية من دولة الإمارات العربية المتحدة المرخص لها للعمل في إثيوبيا 92 مشروعاً، وتعمل حالياً 33 شركة إماراتية بإثيوبيا، بجانب 23 شركة أخرى قيد الإنشاء، فيما حصلت 36 شركة أخرى على التراخيص اللازمة من هيئة الاستثمار الإثيوبية وهي قيد التأسيس.

وخلال العام الجاري، وقَّع رئيس الوزراء الإثيوبي هيل ماريام دسالن اتفاقاً مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، بهدف تعزيز العلاقات الثنائية، وتوسيع مجالات التعاون بين إثيوبيا والإمارات. وتوقع خبراء إثيوبيون أن تشجع هذه الاتفاقية المزيد من الشركات الإماراتية على الانخراط في إثيوبيا، حيث ستوفر حوافز وامتيازات كبيرة للاستثمار الأجنبي.

المغرب: استثمارات طموحة برعاية ملكية

أثناء الزيارة الرسمية الأخيرة للملك محمد السادس، وقع المغرب وإثيوبيا اتفاقيات تعاون واستثمار بقيمة تقارب 4 مليارات دولار في مشاريع كُبرى، ليتم تنفيذها بين 2017 و2022.

تستهدف المملكة المغربية مجالات النقل الجوي، والمعادن، والزراعة، والسياحة، والتعاون المائي، وإنتاج الأسمدة من خلال مصنع يقام في مدينة ديري داوة في شرقي إثيوبيا، القريبة من الموانئ الجيبوتية، ومنها تفعيل حركة الطيران بين البلدين، وذلك عقب فتح إثيوبيا سفارة لها في دولة المغرب في العام الماضي.

ووفقاً لشركة الفوسفات المغربية، فإن المصنع الذي سيقام في مدينة ديرداوة سيكون أكبر مصنع لإنتاج الأسمدة في إفريقيا، وذلك لما للمملكة المغربية من خبرات في هذا المجال.

وبحسب الدراسة التي وضعت لهذا المصنع، والذي سيكتمل بناؤه في العام 2022 سينتج حوالي 2.5 مليون طن من الأسمدة، ومن المقرر في المرحلة الثانية استثمار 1.3 مليار دولار إضافية لزيادة الإنتاج إلى 3.8 مليون طن بحلول العام 2025، وهو الإنتاج الذي سيجعل إثيوبيا دولة مكتفية ذاتياً من الأسمدة.

دول عربية تبحث عن موطئ قدم في إثيوبيا

ربما لا تمتلك بقية الدول العربية استثمارات كبرى في إثيوبيا، لكن ذلك لا يعني أن دولاً خليجية وعربية أخرى توقفت عن البحث عن مجالات للاستثمار في إثيوبيا.

دخلت مصر مجال المنافسة في إثيوبيا بعد حصولها على قطعة أرض كبيرة لإقامة منطقة صناعية مصرية، تضم عدداً من المصانع، في إقليم تجراي، وهو الأمر الذي اعترضت عليه القاهرة، إذ تفضل مصر الحصول على أراض بالقرب من العاصمة أديس أبابا وحول إقليم أروميا، لقربها من المركز ولسهولة تواصلها مع بقية ولايات البلاد.

وحتى الآن، استثمرت مصر ببناء فرع لمصنع السويدي للكابلات والبنك الأهلي المصري، وكذلك في مجالات صناعة الألومنيوم والإنتاج الحيواني.

الكويت حاضرة أيضاً، باستثمارات شركة “الخرافي”، التي كان لها دور كبير في تشييد مطار بولي الدولي، أكبر مطارات إفريقيا.

أما قطر، فتبلغ استثماراتها قرابة 500 مليون دولار، لكن زيارة أخيرة للأمير تميم بن حمد كانت تهدف إلى من الزيارة إلى تفعيل الاتفاقيات السابقة وتحريك الاستثمار القطري في إثيوبيا وزيادة التبادل التجاري وتشجيع رجال الأعمال القطريين على دخول السوق الإثيوبي والاستفادة من الفرص الاستثمارية التي تقدمها الحكومة الإثيوبية وخاصة في مجال الأمن الغذائي.

وخلال زيارته، أكد الشيخ تميم أن قطر ستواصل دعم إثيوبيا في بناء مشاريع البنية التحتية وغيرها، كما أعرب عن تقديره لجهود إثيوبيا لضمان السلام والأمن الإقليميين، وتعهد بالعمل مع إثيوبيا لحماية المنطقة من المخاطر الإرهابية.

كما ذكرت صحيفة “إثيوبيان هيرالد” أن صندوق التنمية القطري أعرب عن رغبته في تمويل عدد من مشاريع البنية التحتية الإثيوبية، مع التركيز على مشاريع النقل والطرق والسكك الحديدية، ومشاريع الطاقة المتجددة.

وعلى الرغم من التسهيلات التي تحاول الحكومة الإثيوبية تقديمها على مستوى الدول، فإنه لا تزال هناك شكاوى من رجال أعمال عرب حول بعض الإجراءات التي تعوق استثماراتهم. السيد خالد القاضي، وهو مستثمر سوري في إثيوبيا، يعمل في مجال السياحة، قال لهافينغتون بوست عربي إن “هناك العديد من المشاكل التي تواجه المستثمر، مثل عدم استطاعة المستثمرين الحصول على تحويلاتهم من الخارج إلا بالعملة المحلية (البر)، وهو ما يتسبب في خسارة للمستثمرين الذين يضطرون لشراء الدولار من السوق السوداء لتوريده إلى البنك”.

وتابع القاضي قائلاً إن صغار المستثمرين يواجهون مصاعب جمة “منها التأخير في تسليم الأراضي، وتحديد حزمة دُنيا للاستثمار الأجنبي بـ200 ألف دولار، وهو ما يضطر بعض المستثمرين للدخول في شراكات مع مواطنين إثيوبيين، وهو ما يؤدي بدوره إلى الكثير من المشكلات للمستثمرين”.

تركيا وإسرائيل حاضرتان بقوة

وبالإضافة للدول العربية، تتواجد دول إقليمية أخرى، حيث تنشط الاستثمارات التركية والإيرانية والإسرائيلية في إثيوبيا.

وتستثمر تركيا قرابة 2.5 مليار دولار في إثيوبيا، فضلاً عن تجارة بينية تتجاوز 500 مليون دولار. وفي فبراير الماضي، وأثناء زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي إلى تركيا، قرر البلدان العمل على زيادة التجارة البينية لتصل إلى مليار دولار، وتعزيز الاستثمارات لتصل إلى 10 مليارات دولار بحلول 2025.

وبحسب وكالة الاستثمار الإثيوبية، فإن الاستثمارات التركية تُعد من بين الأكبر بجانب الاستثمارات الصينية والهندية من حيث الاستثمار المباشر، إذ وصل حجم تلك الاستثمارات إلى 3 مليارات دولار في العام 2016، من خلال تأسيس 350 شركة أتاحت نحو 50 ألف فرصة عمل في إثيوبيا.

وتعتبر العلاقة الإسرائيلية الإثيوبية، وخاصة في مجال التجارة والاستثمار، من أهم العلاقات الثنائية لإثيوبيا. وتستثمر إسرائيل في العديد من المجالات، مثل الزراعة (خاصة زراعة الزهور) وتكنولوجيا المياه والتصنيع الزراعي.

وتتعدد الزيارات الإسرائيلية لأديس أبابا، التي كان آخرها زيارة وفد من رجال الأعمال الإسرائيليين إلى إثيوبيا في نهاية العام 2016م، وذلك لتطوير التبادل التجاري، وفتح آفاق إضافية للمستثمرين والموردين الإسرائيليين، لاستيراد بعض البضائع من إثيوبيا.

ويبلغ عدد الشركات الإسرائيلية في إثيوبيا 187 شركة بحلول نهاية العام الماضي، وتصدر تل أبيب بضائع تُقدر بـ18 مليون دولار سنوياً إلى إثيوبيا، في مقابل استيرادها بضائع بقيمة 46 مليون دولار. وتتمحور صادرات إسرائيل إلى إثيوبيا حول صناعات التقنية والكيماويات والماكينات، في حين تستورد المنتجات الزراعية والتبغ. لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي صرح بقوله إن شركة الكيماويات الإسرائيلية قد أنفقت مليار دولار في السوق الإثيوبية، كما تم توقيع عقد مع شركة نيتافيم الإسرائيلية للري بقيمة 190 مليون دولار.

الاستخدام السياسي للاستثمارات العربية في إثيوبيا

“على الرغم من حيوية الاستثمارات العربية في إثيوبيا، فإن هذه الاستثمارات لا ترقى لتكون ذات تأثير حاسم على اقتصاد البلاد”، بحسب كمال سليمان، الذي عمل في قطاع الاستثمار الإثيوبي العربي. وتابع سليمان: “يشير الإعلام العربي، والمصري تحديداً، إلى استثمارات رجل الأعمال محمد العمودي باعتبارها ذات تأثير سياسي، لكن هذا ليس صحيحاً”.

يشير سليمان في تصريحه السابق إلى الاتهامات المصرية التي تلاحق محمد العمودي، باعتباره “الممول الرئيسي لسد النهضة الإثيوبي”. وسد النهضة الذي تقوم إثيوبيا ببنائه على النيل الأزرق، هو سد مخصص لتوليد الطاقة الكهربائية للاستخدام المحلي والتصدير، وسيقلل عند اكتمال بنائه بشكل جذري من حصتي مصر والسودان في مياه النيل.

يسيطر العمودي على عصب صناعة الإسمنت في السوق الإثيوبية، وتشير تقارير صحفية عديدة إلى تبرعه بأكثر من 88 مليون دولار لصالح سد النهضة، وهو التمويل الذي لم تعارضه السعودية، الحليف الأهم لنظام الرئيس عبدالفتاح السيسي في مصر. على العكس من ذلك، وقَّع البلدان اتفاقية لتبادل الخبرات في مجال توليد الطاقة خلال زيارة وفد سعودي رفيع المستوى، برئاسة المستشار بالديوان الملكي السعودي أحمد الخطيب. وتحدثت مصادر إثيوبية عن عرض المملكة العربية السعودية تقديم دعم مادي لسد النهضة، خلال تلك الزيارة التي شملت الاطلاع على أعمال تشييد السد.

وعلى الرغم من الرغبة المصرية في استخدام النفوذ السعودي والإماراتي للضغط من أجل إيقاف أعمال بناء سد النهضة، لم تقم أبو ظبي ولا الرياض بأي جهد يُذكر من أجل إرضاء الجانب المصري. بل إن الزيارة التي قام بها مستشار الملك السعودي جاءت في وقت تصاعدت فيه التوترات المصرية السعودية على خلفية الموقف المصري الداعم لبقاء الديكتاتور السوري بشار الأسد في السلطة، الذي تعمل السعودية على الإطاحة به.

ويرى خبراء إثيوبيون، على جانب آخر، أن الهدف من الزيارة التي قام بها الخطيب، كان دعوة إثيوبيا للمشاركة في قوات التحالف وفي العمليات العسكرية السعودية في اليمن، وكذلك حث إثيوبيا على بذل جهود أكبر في منع تهريب السلاح الإيراني إلى الحوثيين فى اليمن.

وتزايدت التساؤلات حول المطالب السعودية بعد دعوة العاهل السعودي لرئيس الوزراء الإثيوبي لزيارة الرياض، وهي الزيارة التي تمت بالفعل، في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، وهي الزيارة التي تم فيها توقيع اتفاقيات تجارية واستثمارية بقيمة 600 مليون ريال سعودي (نحو 160 مليون دولار).

وعلى الرغم من عدم وضوح التأثير السياسي المباشر للأموال السعودية في إثيوبيا، فإن ملاحظة موقف إثيوبيا المرن من عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي بعد سنوات طويلة من الانقطاع، تشي بدور واضح للوساطة السعودية.

لكن الكاتب الإثيوبي عبده عبدالكريم نفى لهافينغتون بوست عربي، أن يكون الاستثمار العربي ورقة ضغط على إثيوبيا، لا سيما عند مقارنة حجم وطبيعة هذه الاستثمارات بالاستثمارات الصينية والتركية والهندية، التي تركز في استثماراتها على قطاعات البنية التحتية الأكثر حيوية بالنسبة لأديس أبابا.

--

--