لمحة سريعة حول كتاب “فنّ التّخفّي”
The Art of Invisibility: The World’s Most Famous Hacker Teaches You How to Be Safe in the Age of Big Brother and Big Data
كتاب يتحدث عن الخطوات اللازمة لتصبح مختفيًا على الأنظار لما تبحر على الإنترنت بشكل عام وكيف تحمي خصوصيتك الرقمية بشكل خاص.
ربما وصف ما يتحدث الكتاب عنه بـ”الفن” أمر مقصود، حيث أن الإلمام بجميع الأساسيات التي يُعالجها الكتاب ليس كفيلًا بضمان تخفيك الكامل عن الأنظار، بقدر ما هو معرفة بجملة الأخطاء الشائعة التي يُمكنك أن تقع فيها إن أردت أن تبقى مُختفيًا على الأنظار، أو حتى للحفاظ على خصوصيتك.
الإشكال الذي يواجهنا حاليًا هو أننا تحت مُراقبة دائمة ولصيقة، فإن لم تظهر صورتك في أية كاميرات مُراقبة، وإن لم تكن تنشر كامل حياتك الخاصة على فيس بوك، فإنك تحمل معك هاتفًا مزوّدًا بحساس تسارع، وبكاميرا أمامية وخلفية، وبنظام للملاحة الجوية، بل وقد تضع على رسغك ساعة ذكيّة تسجّل حركاتك وسكناتك، بل حتى نبضات قلبك وتسارعها ما يسمح بمعرفة إن كنت نائمًا، أو تُمارس الرّياضة أو تمارس أي نشاط آخر (حتى ولو كان حميميًا) يُمكن التّعرف عليه من تسارع نبضات قلبك.
الخلاصة التي خرجت بها من الكتاب هي أن التّخفي التّام أمر شبه مُستحيل، وهو مُتاح بشكل جزئي فقط لمن يكون التّخفي جزءًا أساسيا من نشاطه على الإنترنت كالناشطين الحُقوقيين أو السياسيين خاصّة في البلدان التي تعرف قمعًا للحُريّات. قد يكون تحقيق تخفِّ جزئي مُمكنا لمن لا ينتمون إلى هذه الفئة، لكن يبقى محدودًا.
التّخفي المقصود في الكتاب ليس بالضرورة الاختفاء لأجل تنفيذ عمليات مشبوهة أو محضورة قانونًا، وإنما هي أوسع من ذلك لتشمل حماية خصوصيتك الرقمية على الإنترنت. كما أن هذه الحماية لا تكون مطلوبة لما يكون المُتخفّى منه جهة حكومية أو نظامًا قضائيًا، وإنما حتى من أعين الشّركات التي قد تستغل تلك البيانات لصالحها أو حتى من أعين المُتطفّلين الذين قد يلحقون ضرًرا بك أو كشف بياناتك الخاصة.
يذكّر الكتاب باحتياطات قياسية معروفة يجب على الجميع اتّخاذها، كاستخدام التّشفير في كل مكان (تشفير بياناتك على جميع الأجهزة الشخصية) واستخدام وسائل تواصل تستخدم التشفير وتحمي الخصوصية (كتطبيق سيجنال للدردشة والمُحادثات) وتصفّح المواقع عبر بروتوكول إس إس إل إن توفّر، إضافة إلى تغطية كاميرا الحاسوب مثلًا أو “إغلاق” منفذ الصوت فيه، وحتى استخدام البرمجيات مفتوحة المصدر وما إلى ذلك.
لكن احتوى أيضًا على نصائح ربما لن تخطر على بالك أو أن لا تعتبرها أساسية، كاستخدام “في بي إن” لدى الاتصال بالإنترنت من شبكات عامة، أو تغيير عنوان ماك لدى استخدامها، أو حتى إطفاء شبكة الواي فاي لدى عدم الحاجة إليها. إضافة إلى تغيير إعدادات الراوتر المنزلي أو حتى كلمة سر كاميرا المُراقبة التي نصّبتها في منزلك.
الكتاب مفيد من حيث أنّه يذكّرنا بجميع الأخطار التي تُحدّق بخصوصياتنا الرّقمية، وبضرورة إيلاء الأمر اهتمامًا بالغًا، حيث أن حماية الخصوصية لا تهم فقط من “لديه حاجة ليخفيها” بل هل حقّ يتوجّب على الجميع الحفاظ عليها.