بنفحات من الود والرقة، كالنسيم الذي يلاعب أوراق الشجر في هدوء الصباح، لنتذكر أن الزمن يتسارع في مسيره، كأنه يجري في خفة وسلاسة، لا يلبث أن يصنع من مشاهد حياتنا ذكريات تمر عبر عتبات الذاكرة، لا تستقر، وكأنها زائر ليلاً يغادر مع الفجر، يترك خلفه لمحات من آلام قد مرت، خبرات جُرحت ثم التأمت، لتصبح مجرد صدى يخبو بالتدريج في أعماق الماضي.
بلطف يليق بقلوبنا الباحثة عن السلام، ستجد نفسك تتخطى غمار الشكوك التي تسللت يوماً إلى تفكيرك، تتحول هذه الظنون إلى أمواج تتكسر على شاطئ الحكمة والتبصر. ستمشي بخطوات ثابتة وواثقة نحو مستقبل مشرق، لا يعكر صفوه النظر إلى الوراء، بل يزهو بالأمل والتفاؤل بما يحمله الغد من بشائر.
بسكينة الروح التي تعانق الطمأنينة، سيهدأ ذلك الخوف الذي كان يتربص بك، وستدرك بعمق اليقين أن الحياة لا تحتاج إلى تعقيداتنا الذهنية، بل هي أبسط بكثير مما نتوقع. ستتعلم أن تقبل الأيام كما هي، لا كما نريدها نحن، وأن ترضى بما قدر وقسم، ففي الرضا تسكن النفوس وتطمئن القلوب.
بشيء من اللطف، ستعود بذاكرتك إلى الأمس فتبتسم وتذرف الدمع في آنٍ واحد، تتأمل ملامحك التي نضجت مع الزمن، وتعيش من جديد طيبة الذكريات بمرونة وحنين. ستكتشف أنك كبرت حيناً، وفي أحيان أخرى ما زلت ذلك الطفل الذي يستحق الحنان والاحتواء.
بشيء من اللطف الذي يربت على جراح الزمان، ستنظر إلى الوراء، إلى الأيام التي مضت، بابتسامة تشع منها الحنين وبدمعة تنم عن الامتنان. سترى كيف أن الماضي قد صاغ فيك شخصية أرقى، مع كل ذكرى وكل درس، ستعانق الألم بقلبك وتهمس له "ستمرّ هذه الغمامة"، وتمد يدك للآخرين بالمواساة، مشاركاً إياهم الأمل والتفاؤل.
بخفة الغيم، ستكون للآخرين ذكرى، ربما تكون الأفضل أو لا، وقد يروك الناس بعين أفعالك أو أحكامهم المسبقة. ولكن، اختر دومًا الرفق والرقي في التعامل، فالحياة مليئة بالتحديات، والنفوس بحاجة للراحة، فكن كالنسمة العليلة بعد حر الصيف، مد يد العون بسخاء، واحجم عن الأذى برفق.
بنفحات العطف، ستعبر جسور الشكوك، وتُصفّي الأوهام بماء الحكمة، وتتخطى مفارق الطرق بخطى ثابتة وواثقة نحو ما هو أجمل، دون أن تلوي عنقك للوراء.
بسكينة القلب، سيستكين خوفك، وتدرك أن الحياة أرقّ وأبسط مما كنت تتصور، وأن الأيام تتوالى كما قدرها الخالق لا كما تمنيتها أنت، وستجد السلوى والرضا فيما كُتب لك أو عليك.
كن لطيفا رقيقا سليم القلب.
"إلا من أتي الله بقلب سليم "
✍️: جلال الدين يوسف أحمد
مقتبسات من مدونتي : رحلتي إلى عالم الخذلان !
