01. أهمية الحوار
فإذن، نبدأ المحادثة مرة أخرى
Read in english
إذا كنتم تتابعون نقاط بالفترة الأخيرة، فربما لاحظتم بعض التغيرات البسيطة بما إننا بصدد القيام برحلة إلى الإنعكاس، الإستكشاف، و البناء، فإننا نود مشاركتكم ببعض نتائجنا — إستبصارنا البسيط !
بادرت، جمعت، و حركت نقاط خلال فترة تقل عن عشر سنوات، المئات من الحلقات النقاشية، و التي تراوحت ما بين محاضرات المؤتمرات العامة إلى ورش عمل صغيرة و جلسات الطاولة المستديرة ”الإستكشافية“، و لقد سمعنا و ساهمنا بحوارات تعكس ما يهمنا بالدرجة الأولى: التعبير المفتوح لبناء الأفكار، و كذلك تطوير القدرات و المساحات الإبداعية لبعضنا البعض. لا زال هناك الكثير مما رأيناه و سمعناه حبيس الأدراج منذ عام 2009، فمن هذا المنطلق، و بما أن هذه هي النسخة الأولى من الإستبصارات، لذا فإننا شعرنا بأنه ليس هناك مكانا أفضل لإلقاء نظرة على ”المحادثات“ التي قمنا بها بالماضي و المشاركة بها كوسيلة لرؤية ما هو قادم.
سنقوم بإرسال نسخة من إستبصارات لكم — رسالة أخبار نقاط تغطي مجموعة مواضيع (من صقل تعابير إبداعية، مستقبل الأفعال الجماعية إلى إعادة التفكير ببرامج المسئولية الإجتماعية للشركات) بجانب تحديثات المجتمع و الروابط لما يقرأوه، يشاهدوه، و يكتشفوه!
نأمل إستمتاعكم بالقراءة، كما نرحب بأي أفكار جديدة، ملاحظات، و مقترحات.
ما معنى المبادلة؟
لا وجود لمجتمع يخلو من المحادثات، و كما بدأنا كمؤسسة قائمة على الحوار و تبادل المعلومات، فأن أفضل موضوع يلائم إستبصارنا الأول سيكون عن قوة الحوار.
هناك مستوى محدد للوعي و الفهم عند العمل في مجال التطوير الثقافي الذي يمكن الوصول اليه فقط بالإنخراط في التواصل المستمر و محاورتنا لبعضنا البعض من خلال المجتمعات المختلفة. يتمحور صميم عملنا حول الحوار كوسيلة تعبير، نقاش، تطوير، و تنفيذ الأفكار.
الحوار من خلال الفنون و الثقافة
إنه من الصعب تعريف الفنون و الثقافة بشكل متكامل، لأنها يمكن أن تصبح أداة تطوير تعطي الأشخاص مساحة للسؤال، الإنعكاس، و التغيير، و كما أضافت الفنانة السعودية منال الضويان في حوارها ”رحلة الإنتماء“ (مؤتمر الصدمة الثقافية، 2013) — ”عندما يتواجد الحوار، ذلك يعني أن هنالك أمل للتغيير“، متحدثة عن سلسة أنا (2005) الخاصة بها. دعت منال نساء مجتمعها بالمملكة العربية السعودية للتعقيب على التغطية الإعلامية الخاصة بالوظائف التي تعتبر ”ملائمة“ لطبيعة المرأة كجزء من حوار أشمل متداول. عندما .تكون المساحات للحوار الشفهي محدودة، فإن الوسائل المختلفة تثبت جدارتها لتصبح قنوات للنقاش و الوساطة.
تشهد دول الخليج بالفترة الراهنة تحولات كبيرة في السياسات الثقافية، الإقتصادية، و الإجتماعية، حيث يمكن إستخدام الفن كأداة لتشجيع الإنقسام و الإعلانات المغرضة أبان هذه الأوقات سريعة التغيير، و من جانب آخر يمكن للفن تحويل الأوضاع للأفضل كونه أداة ترعى الحوار و الإستيعاب. إن خير مثال لما سبق ذكره هو ذكر منظمة عدّائو الثقافة (Culture Runners) المعنية بصنع الحوار بين الشرق الأوسط و الولايات المتحدة الأمريكية بهدف بناء جسور لتغطية الفجوة الثقافية فيما بينهما.
رأينا مثال آخر قوي هذه السنة قريب من ثقافتنا، عندما أعطى د. غازي المليفي محاضرته عن الإنسياب و الحوار الراسخ في الفنون البحرية الكويتية، حيث ذكر أن ”الإثنوغرافية هي عبارة عن لقاء يعطي الصوت لمن لا يملكون الصوت“ (منتدى الثروة البشرية 2018)، كما عزفت فرقة معيوف المجلي يدا بيد مع د. غازي معزوفة تنادي لإحياء ديناميكية و محادثات الموسيقى البحرية، في خضم الإيقاع المتسارع للمتغيرات المدنية و العالمية و إعاقته للتقدم العضوي للثقافة (إن وجد)، و قد يكون ما سبق ذكره لقاء مع أنفسنا و كذلك مع الآخرين.
ما الذي قرأناه؟
”بعد 68 سنة من الرياضيات: قصتي مع العلاج من الخرافات العصرية و إستعادة إدراكي للكينونة و الرفاهية“، مقال لمنير فاشح
يضع منير التفكير المنطقي في إطار ”التفكير بمنظور“ الذي يشير إلى ”المجاورة“، و هي حركة لمجموعة من الأشخاص يجتمعون في مجتمعاتهم للدراسة، الفهم، و التنفيذ خارج نطاق سيطرة المعاهد السلبية، حيث تتأصل أنواع الحوار لمراقبة المحيط و الموقف.
ترتبط الفكرة المذكوره أعلاه بمنظمة ”جامعة في المخيم“ لإعطاء محاضرة (ممارسة المقاربة الجماعية، 2014) و لإستعراض هذا النموذج من التعليم المجتمعي الكائن في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، حيث أن “الجامعة” هنا لا تُترجم إلى الشكل النمطي للتعليم الجامعي، و لكنها تشير إلى تجمع، إعطاء الفرصة للمعرفة لتنبثق إلى إنعكاسات، و مراقبات تتطلب بعض الوقت لتتأصل بحزم في منظور البيئة الإجتماعية و السياسية الراهنة. المعرفة هنا ليست نتيجة لحقائق أو أطر مسبقة البناء، و لكنها تصل — بشكل جماعي، عضوي، و من الأرض لما فوق.
مساحات للحوار
تُفتح المساحات الجديدة في المنطقة بهدف تبّني الحوار كوسيلة لتشجيع حل المشاكل، مبادرات المحادثات بمواضيع جديدة أو حساسة، و تجميع المجتمع بكل بساطة، و تتمثل تلك المساحات بأماكن مثل “حكمة” أو “الديوانية” مرتع عبور الثقافات، و العديد من المساحات الأخرى! تحشد تلك الأماكن الجهود الشعبية لمناقشة عدة مواضيع تتراوح ما بين المحافظة على البيئة، العملات الإفتراضية، الرقابة، و التكنولوجيا إلى حقوق المواطنة، و هلم جرا. نحتاج و بشكل متواصل أن نعي طرق المحادثة، إستخدام الوسائل المتعددة، و مستوى الإنخراط المسموح به، و مع ما تم ذكره، سنترككم مع الإقتباس التالي من منير فاشح:
نحتاج إلى قضاء وقت أكبر في المحادثات وجها لوجه مع بعضنا البعض، في إنجازاتنا، في أحلامنا الوردية، في بناء رؤيتنا المشتركة، و بإختصار نحتاج إستعادة حياتنا و إسترداد مساحاتنا الثقافية¹.
شكرا لقراءتكم إستبصارنا الأول، و كالعادة نرجو مشاركتكم بأي أفكار، ملاحظات، أو أي إستبصار من قبلكم! نود أيضا أن نسمع منكم، كما نود معرفة ما تودوون رؤيته و سماعه من طرفنا، الذي نأمل من خلاله أن نجعل إستبصارنا يأتيكم بشكل دوري.
