0.2 عن المراحل الانتقالية الابداعية

Nuqat
Nuqat Insights
Published in
5 min readMay 31, 2018

هل لديك تلك الرغبة الكبيرة بالتغيير؟ بالحركة؟ و هل سبق لك أن شعرت بحاجة ماسة للإنتقال، أو للخروج، أو حتى لإكتشاف بدائل لروتينك اليومي؟ سيكون نقاشنا لهذا الشهر عن جميع أنواع مراحل الإنتقال.

Light Calligraphy by Karim Jabbari

Read in english here.

قد تصبح التحولات حتمية و ضرورية لمواكبة التغيرات التي تحدث خارج نطاق سيطرتنا، و قد كان لتلك التحولات نصيبا من إهتمامنا، حيث تطرقنا لها في العديد من مؤتمراتنا السابقة، كما شارك متحدثونا بتجاربهم سعيا للحصول على وظائف اضافية في مجال الصناعات الإبداعية. إن التحولات في الإقتصاد من خلال التنوع و نمو الصناعات تؤدي إلى حدوث تغيرات جليّة في النسيج الحضري للمدن الحديثة، و هذا الأمر من المستحيل ترقبه في أقاليم المدن الكبيرة.

سنتحدث هذا الشهر عن قصص التحولات المقتبسة من متحدثينا السابقين، و في حال رغبتكم بمشاركتنا بقصص تحوّلكم، لا تتهاونوا عن إرسالها إلى بريدنا الإلكتروني insights@nuqat.me.

عن التحولات الشخصية

ان غالبية الأشخاص العاملين في الصناعات الإبداعية و الثقافية في الكويت، المملكة العربية السعودية، و في الخليج يعملون في وظائف خارج نطاق اهتماماتهم الإبداعية، و هو الطابع السائد بحسب ما إستنبطناه من تجاربنا السابقة، فعلى سبيل المثال حافظ الفنان السعودي أحمد مطر على وظيفته كطبيب مقابل عمله كفنان.

قدم لنا من جانب آخر علاء يوسف، المبادر و المؤسس لتحفيز الثقافة الإبداعية مثالا آخر في محاضرته عن “محفزات الثقافة الإبداعية” (تنفيذ الصدمة الثقافية، 2013)، عندما قابل العديد من الفنانين، المبدعين، و صانعي الأفلام الموهوبين من خلال عمله في صناعة الأفلام و التصوير الفوتوغرافي، والذين كانوا يعملون في مجالاتهم الإبداعية خارج الأوقات الرسمية لوظائفهم و إثناء أوقات فراغهم، حيث أن تلك الوظائف لا تتناسب مع شغفهم ومواهبهم، كما علق علاء على ذلك قائلا

“أن ما تحتاجه الرياض هي بيئة حاضنة مريحة للإبداع و المبدعين”

و لكن في وقتنا الراهن و في خضم موجات الإصلاحات العصرية على الصعيدين الإقتصادي و الإجتماعي، هل سيظل التعليق نفسه قائماً؟ أم أن الحاجة لبيئة تحتضن الثقافة قد تم تلبيتها سلفا؟ شاركونا بأفكاركم.

وظيفة جانبيه في الصناعات الإبداعية — نظرة على الاحصائيات

شارك العديد من أعضاء مجتمعنا في استطلاع أُجري بالتعاون مع مجموعة البنك الدولي خلال مؤتمر عام 2016، و قد تطرق الاستطلاع للمتغيرات التي يواجهها رواد الأعمال الابداعية في الكويت، كما وضحت إحدى النتائج المثيرة للإهتمام أن 62٪ من الموظفين الذين شملهم الاستطلاع، رأوا أن أعمالهم الإبداعية هي بمثابة “وظيفة جانبية” بالدرجة الأولى، و عندما سُئلوا عن المقومات التي قد تسهل تحويل وظائفهم الإبداعية الجانبية إلى وظائف أساسية بساعات عمل كاملة، أجابوا كالتالي: يجب تسهيل الخدمات الإدارية الحكومية عبر شبكة الإنترنت، تسهيل الوصول إلى أماكن العمل، التمويل، والتدريب على المهارات البسيطة، كما يجب زيادة الوعي والتقبل الاجتماعي لفكرة العمل في مجالات الصناعات الإبداعية والثقافية.

طلب الاستبيان أيضا تحديد القيود التي تواجه نمو الأعمال الجديدة، و قد ذُكر مشاركو الإستبيان مرارا وتكرارا بأن أهم القيود تكمن في الإجراءات البيروقراطية إضافة إلى ضعف المهارات الإدارية الفعالة والتسويق، وأخيراً أشاروا إلى صعوبة التواصل مع نظراءهم مبادرو الأعمال الابداعية، فضلاً عن ضعف التدريب على المهارات الشخصية البسيطة، حيث صنفوا المسائل الخاصة بإدارة الأعمال كأكثر العوامل احباطا.

يمكننا تصنيف نتائج الاستطلاع و نتائجه الخاصة بالعقبات المذكورة أعلاه إلى مجموعتين مختلفتين، حيث تركز المجموعة الأولى على القضايا الهيكلية فيما يتعلق بالتدريب، التمويل، الخدمات الإدارية، والإجراءات البيروقراطية، كما تركز المجموعة الثانية على العقبات المادية والفضائية التي نواجهها بتعاملاتنا اليومية، مثل تواجد المساحات ذات الوظائف المختلفة، و تسهيل عمليات التواصل عبر شبكة الانترنت بين المنتجين المبدعين والثقافيين، و على هامش ما تم ذكره، سنطرح السؤال التالي: كيف يمكن للمدن الانتقالية أو المساحات المدنية أن توفر العوامل المساعدة لتمكين بيئة حاضنة للمبدعين؟

يمكنك العثورعلى جميع نتائج الاستبيان من هنا.

تحول مساحات المدن

عندما نتحدث بشكل خاص عن دولة الكويت ودول الخليج المجاورة لها، فإن ترقب التحولات على نطاق بعيد المدى يكاد يكون مستحيلا، حيث مرت تلك الدول بتغيرات جذرية و واسعة في إطار وقتي بسيط، و قد تتبعت الباحثة الكويتية فرح النقيب في محاضرتها “العودة إلى المدينة” تلك التحولات وأسبابها من خلال تسليط الضوء على النسيج الحضاري في الكويت خلال القرن الماضي (الحاسة السابعة، 2016). كانت إحدى نتائج التطور الحضاري النفطي هي التقسيم المناطقي الوظيفي: وهي عملية تقسيم المدينة إلى مناطق تخدم وظائف محددة، مثل فصل المناطق التجارية عن السكنية و هلم جرا، حيث أدى هذا التقسيم إلى “تقليص الفرص التلقائية، الغير متوقعة، و الجديدة”، مسببة بذلك إعاقة لإحتمالية التفاعل ما بين السكان و المساحات. من جانب آخر، اشار علاء يوسف تحديدا إلى الرياض قاصدا “البيئة الإبداعية”، و كيف يمكن للطبيعة الفيزيائية المقسمة للمدن الحديثة أن تلعب دورا يساهم بخدمة الخصائص الإقتصادية و الإجتماعية.

برزت في العقد الماضي مبادرات تهدف إلى إعادة استصلاح واسترجاع الحياة المدنية، إما بطرق متعمدة يقودها المجتمع، أو كمشاريع تجارية يتم تمويلها، و قد ذكرت فرح أن

الأفكار والمبادرات الجديدة بدأت تنتشر بسرعة ليس فقط في مجال الفنون الإبداعية والبصرية و حسب، انما حتى في مجالات الأعمال، التكنولوجيا، الصناعة، و الغذاء و التي بدورها خلقت سبلا جديدة لحياة أكثر إثراء و جاذبية.

انتشرت في الآونة الأخيرة في الخليج المعارض الحرة، دور السينما، والمقاهي، والتي بدأت تتخذ من مناطق المدن القديمة مقرات لأعمالها كالسركال في دبي أو العدلية في البحرين، حيث خلقت بدورها آفاق جديدة للتجمع والتعاون بهدف خدمة مصالح مستخدميها.

أثار أحد أعضاء الجمهور نقطةً حول التحسين خلال فترة ختام محاضرة فرح النقيب، و هي عملية تشير إلى الضغط المادي الذي تفرضه الطبقة المتوسطة من المجتمع على الطبقات الأقل دخلا نتيجة لزيادة القيمة الإيجارية للوحدات السكنية في مناطق البسيطة بسبب التغيير العمراني و مشروعات التحسين والتطوير المدني بها، و بهذا ترى فرح بأن استصلاح وإعادة تنشيط المدن لا يأتي بدون ثمن مسبق قد يكون سلبيا و مليء بالمعوقات. ان مثل هذه التطورات يمكن أن تؤدي إلى تهميش جزء كبير من السكان مما سيُشعر العديد من الأفراد بالإقصاء من المشاركة الفعالة في الأماكن الثقافية والاجتماعية الجديدة، لذا يتوجب علينا إجراء المزيد من البحوث والإحصائيات والاستبيانات ليتم نشر تجارب أولئك الذين يعايشون هذه التغييرات، كما سيكون من الصعب بدون تلك الدراسات تطوير المدن بطرق تلبي الاحتياجات والرغبات المتنوعة في مجتمعنا.

في محاولة لإحياء واستكشاف التراث العمراني في الكويت على قدم وساق، تم إنشاء “مدينة” في عام 2014، وهي منظمة تقوم بإعداد جولات لممارسة رياضة المشي الثقافي للملأ، وما يميز “مدينة” هو اتخاذها منهج متعدد التخصصات وإشراكها لمتحدثين من خلفيات أكاديمية واجتماعية وثقافية متعددة، الأمر الذي يساهم في خلق مفهوم جديد للمدينة يميزه الوعي وإدراك التنوع الحضاري الغني في منطقتنا، كما شاركت المديرة التنفيذية “لمدينة” ديمه الغنيم في مقابلة معنا طرحت فيها مقترحاتها حول مكافحة الانقسام في المدن قائلة:

“أؤمن بأن العنصرية مبدأ متأصل من الجهل، حيث أن التفاعل و مشاركات القصص و المساحات تجمع الناس و تسمح بخلق حوارات إيجابية بنَاءه، كما يلعب ذلك القرب المبني على المشاركة بنفس المساحة و المدينة دورا حيويا بتوطيد العلاقات بين الأشخاص، على الصعيدين اللفظي و المرئي”.

فنشكركم على قراءة ملخص هذا الشهر! أما في الشهر القادم، نأمل أن نواصل حديثنا هذا عن المراحل الانتقالية من خلال تسليط الضوء على التحولات الاجتماعية والاقتصادية الكبيرة والصاخبة الحالية في المنطقة، و سنقوم كعادتنا بالبحث والتنقيب عن كنوز المعرفة التي شاركها ضيوفنا من المتحدثين السابقين معنا، كما نرحب دائما بتعليقاتكم و إقتراحاتم!

--

--

Nuqat
Nuqat Insights

Nuqat is a nonprofit organisation in cultural development in MENA. Our aim is to nurture a self-sustainable community through creative and critical thinking