03. حول تحدي الوضع الراهن
الله لايغير علينا
مقولة شائعة الإستخدام في دول الخليج العربي وتعني أن تستمر أوضاعنا كما هي عليه، من المؤكد بأن هذه المقولة قد ترددت على مسامعنا من قبل، وهي مقولة تستوجب النقاش كما نعتقد، فأن تستخدم هذه المقولة للمحافظة على الصحة الجيدة أو العلاقات الطيبة وكتعبير للإمتنان عن الحال فهو أمر جيد بالطبع ولكن ماذا عن الأشياء التي ليست على ما يرام؟ هذه المقولة تعني القبول بالواقع بكل ما يحمله.
سنسلط الضوء في هذا الشهر على أولئك الذين يبحثون عن اللا مألوف في مجالاتهم، من خلال إستعراض قصص لمحاضري نقاط في مناسبات سابقة، حيث ستتضمن مواضيع الشهر عناوين كالنموذج البديل لتعليم الأزياء وتساؤلات حول قيمة رأس المال و تعاطي إفتراضي لإستخدام الإنترنت مجهول الهوية.
حول التعليم الإبداعي
في مجال التعليم يبدو بأننا نواجه دائما الحوار المتعلق بخصخصة التعليم ووجود مناهج جامدة لا تواكب المتغيرات. في مجال التعليم المتعلق بالتصميم فإن توافر السيولة المادية هي ما يحدد إمكانية الأفراد من التقدم في هذا المجال تعليميا، مما قد يعرقل مسيرة بعض الموهوبين في مجال التصميم. من هذا المنطلق قامت ساره هيرمز بإعداد مساحة إبداعية ببيروت لجعل التعليم المتعلق بالأزياء متاحا لجميع الراغبين، حيث تعد هذه المساحة بمثابة مدرسة مجانية ونظام تعليمي تقدمي قائم على التعليم التطبيقي من خلال عمل الطلبة بجانب المرشدين والمختصين.
لقد سبق لساره هيرمز أن شاركتنا في في مؤتمر العلاقة المفقودة عام 2014 بحوار تحت عنوان الإبداع والعدالة الإجتماعية. إن فكرة المدرسة المجانية للتصميم جاءت نتيجة للشغف في مجال التصميم والإهتمام بالمساهمة الإجتماعية، فكانت النتيجة ليست مجرد مدرسة تتيح التعلم من خلال المشاريع الإبداعية فحسب بل أيضا تقديم بديل فعلي لتعليم تصميم الأزياء المتقدم القائم. كما تشدد ساره على أن للتصميم قدرة عالية على تمكين الأفراد والمجتمعات تحديدا في دولة تواجه فجوات إجتماعية وإقتصادية.
“لماذا نؤسس مدرسة مجانية لتصميم الأزياء؟ التصميم هو عملية لتشكيل وبناء عالمنا، من خلال ما نرتديه من ملابس والمباني التي نقطنها والمنتجات التي نستخدمها. ولكي تتمكن التصاميم من أن تكون أداة فعالة لتطوير المجتمعات فإن ذلك يستوجب أن تكون التصاميم شاملة ومتضمنة لأصوات ورؤى الناس من جميع المشارب والخلفيات.”
فيما يتعلق بتحدي أساليب التعليم السائدة ، قامت نقاط بالشراكة مع شركة زين بإطلاق برنامج إنديجو التعليمي للأطفال- وهو برنامج يركز على إستقطاب معلمين بتخصصات إبداعية لإعداد وتقديم منهج تعليمي يركز على المهارات الإبداعية بطريقة جاذبة. كما أطلقت نقاط في هذا الصيف المخيم الصيفي الأول لصناعة الأفلام وهو عبارة عن برنامج مكثف لمدة إسبوعين للشباب الصغار ممن تتراوح أعمارهم ما بين ال 12–15 سنة وقد تم عرض الأفلام التالية بهذا المخيم
(لا لا لا المقدمة من غنيمه (عمل موسيقي لمبارك السليطي وسعاد البحر وتمارا إبراهيم -
(خلف الكواليس (فيلم قصير لصوفيا سيف وسبيكة البحر وفيصل الملا، جودا عياد ومروى راشد -
(حان الوقت (برنامج حواري لنوره فهد، يوسف العبدالرزاق، روان أبوالسعود و عبدالله بوحيمد -
حول خصوصية الإنترنت
خلق الوعي من خلال التعليم عنصر مهم جدا لمواكبة المتغيرات التكنولوجية خصوصا عندما يتعلق الأمر بمشاركة معلوماتنا الخاصة سواء كانت هذه المعلومات متعلقة بما يستهوينا أو المتعلقة بالشراء عبر الإنترنت أو غير ذلك. لقد ثبت مؤخرا بأن الخصوصية عبر الإنترنت شبه معدومة، فقد شهد جميع مستخدمي تطبيق الإنستاغرام مثلا بأن الإعلانات المعروضة لنا في هذا التطبيق تواكب ما نتحدث عنه مع أصدقائنا وأقربائنا. ولا نعتقد بأن إنستاغرام يتصنت على محادثاتنا إلا أنه من المؤكد بأن هذا التطبيق يعرف الكثير عنا. نحن نتبادل يوميا العديد من المعلومات عبر الإنترنت، هذه المعلومات تكون بمتناول الحكومات والشركات بكل تأكيد. ولأننا نعارض كليا مراقبة البيانات عبر الإنترنت فقد أنشئ مشروع “تور” لخلق مساحة تمكن مستخدمي الإنترنت من إستخدامه دون ترك أي أثر.
وقد شاركنا متحدث من مشروع تور بمحاضرة تحت عنوان ”تعبير نظري حول الخصوصية“ (ظاهرة القص واللصق 2015). منذ عام 2014 وأعضاء مجموعة تور يعرضون منحوته سميت ب “مكعب الحكم الذاتي” وهي عبارة عن مكعب شفاف مزود بجهاز واي فاي في المنتصف يوجه ندفق المعلومات إلى شبكة تور مجهولة المصدر. وقد إستخدم مكعب الحكم الذاتي في العديد من المؤسسات والمتاحف في السنوات الماضية متيحا للمستخدمين فرصة الإتصال المجهول بالإنترنت وهو ما يعتبر بمثابة التحدي للواقع الحالي لإستخدام الإنترنت المفتقد للخصوصية. في شبكة الإنترنت الجديدة تلك فإن إطار العمل يضمن قيم الخصوصية والحماية والتحكم الذاتي. والهدف من هذه المكعبات هو أن يتمكن المستخدمين من الولوج إلى الإنترنت بخصوصية وحرية تامة. بإمكانكم الإطلاع على التفاصيل التقنية لمكعب الحكم الذاتي من خلال هذا الرابط.
إعادة تقييم العائد
إهتمت نقاط مؤخرا في معرفة كيفية قياس العوائد غير الإعتيادية، وتحديدا تلك العوائد غير المرتبطة باالعائد المادي أو الملموس وهي عوائد لها بالغ الأثر في حياة المجتمعات دون وجود أدوات قياس فعلية لها.حيث كان هذا الموضوع محورا أساسيا في جلسة البحث في الكويت عام 2016 تحت عنوان تمويل الإقتصاد الإبداعي والتي أدارها علي خليل.
مالذي يجلبه الإبداع للملاّك؟ ”
بالإضافة للعوائد الإقتصادية فإن للإبداع أهمية في تقدم المجتمعات ففي بعض الأحيان يصعب تعريف الربح والتكلفة لبعض المشاريع، ففي الإقتصاديات الحديثة يجب أن تحدد التكلفة بوضوح كي يسهل تقديمها للمستثمرين، إلا أن هذا الأمر قد يصعب ويتطلب معرفة أكثر الوسائل فاعلية في تحديد تكلفة بعض الأفكار منها على سبيل المثال لا الحصر كيفية تحديد تكلفة حوار متعلق حماية البيئة أو المحافظة على التراث؟ في الحالة البيئية مثلا تمكن البنك الدولي من وضع تكلفة للتدهور البيئي من خلال ما يسمى بالتقييم المشروط والذي يعني إمكانية الأفراد من الدفع مقابل السلعة. هذه النوعية من وسائل التقييم تشير إلى التحولات العصرية القائمة على تحقيق الفائدة القصوى في النظام الإقتصادي إلى نظام إقتصادي إبداعي مشترك يراعي المتطلبات المجتمعية.”
( من جلسة البحث في الكويت 2016)
وكنتيجة لتلك الجلسة فإننا في نقاط نعكف حاليا على تطوير أداة قياس تمكننا من وضع معايير للأثر الإجتماعي على أن نوافيكم قريبا بتطورات هذا المشروع.
كما أن هنالك العديد من القصص لأفراد لم يكتفوا بتحدي الواقع الحالي في مجالاتهم فحسب بل عملوا أيضا على تقديم إحتمالات ومسارات أخرى تجسد قيمهم سواء كانت متعلقة بخصوصية الإنترنت أو تسهيل تعلم فن الأزياء وغيرها.
شاكرين لكم حسن إطلاعكم على أفكار هذا الشهر، ونرحب بأي إقتراحات وتعليقات على بريدنا الإلكتروني insights@nuqat.me
المزيد من القراءات
- A Brief History of Specialization by Faris Ali: An overview of education systems and a delve into the relationship between the institution of education and the labour market.
- Creative Coworking Spaces in Kuwait and Saudi Arabia published by the Arab Gulf States Institute in Washington (AGISW)
- Innovation and Urban Inequality Go Hand in Hand by Richard Florida: A review of a study finding between number of patents produced in a city and increasing economic segregation
- بمبي يا صلاح: كيف يتعامل الفن مع الحرب؟ كاتبه ياسمين أكرم
- “Heat Makes You Dumb, in four charts” , no worries summer is nearly over!
