أورام ما قبل الزواج

| Sima |
zapheer
Published in
5 min readFeb 4, 2019
كوميكس سمر الجيار

لا تتعرض الفتاة فى مجتمعاتنا الشرقية عادةً لزيارة طبيب النساء والولادة قبل الزواج إلا في حالات نادرة، حتى أن البعض يخفين زياراتهن تلك، طالما لم تتزوج بعد، ولكن ماذا عن تعامل بعض هؤلاء الأطباء مع الفتيات اللاتي يحملن فى أجسادهن أورامًا تسبب لهم الكثير من المتاعب، هل يصارحوهن أم يراوغوهن بغرض التسويف ليتزوجن وينجبن حتى وإن احتملن ما لايُحتمل من الآلام مستبعدين أحقية تلك الفتاة في حرية الاختيار.

يوضح الدكتور “سمير فرج”، أخصائي النساء والتوليد، أن الأورام الليفية الرحمية أورام حميدة تنشأ في الرحم، ومن غير المعروف بالضبط لماذا تصاب النساء بالأورام الليفية الرحمية، ومعظم النساء اللاتي يعانين من تلك الأورام ليس لديهن أي أعراض، ومع ذلك يمكن أن تسبب الأورام الليفية عددًا من الأعراض اعتمادًا على حجمها وموقعها داخل الرحم، ومدى قربها من أعضاء الحوض المجاورة، وتكون الأعراض الأكثر شيوعًا هي النزيف غير الطبيعي، والألم والضغط. يتم تشخيص الأورام الليفية الرحمية عن طريق فحص الحوض والموجات فوق الصوتية، وهناك العديد من الخيارات المتاحة التي تشمل الجراحة أو العلاجات الطبية ولا يجب تركها أو التسويف في علاجها لما بعد الزواج إذا كانت الفتاة غير متزوجة، لأنها يمكن أن تعوق عملية الإنجاب أيضاً بالإضافة للآلام التي تتعرض لها الفتاة والنزيف الشديد.

وهذا ما أكدته حالة “سهير محسن”، اسم مستعار 23 عام، حيث قالت أن وحدها الصدف قادتها لاكتشاف الورم رغم تكرار الدورة الشهرية بنزيف حاد إلا أنها لم تأخذها بجدية كافية، حتى فقدت الوعي في إحدى المرات وأصابتها تشنجات عنيفة، قامت بعمل تحليل واكتشفت أن نسبة الهيموجلوبين في الدم 7 فقط، فقامت بزيارة طبيبة النساء التي أجرت كشفها بالسونار على الرحم واكتشفت بالفعل وجود ورم، وما كان منها إلا أن احتجزتها بعيادتها وأخذت تنهرها صائحة بأنها لن تتركها تذهب إلا بعد أن تحضر عائلتها: “لأنها ترى أن هذا الورم لا يأتي إلا بممارسة الجنس وبما أنني غير متزوجة فأنا في نظرها قمت بممارسة الجنس خارج إطار العلاقة الزوجية ويجب عليها أن تخبر عائلتي بذلك بغض النظر عن الورم نفسه وماهيته وتداعياته”، توضح سهير.

بمساعدة أصدقائها خرجت من عيادة الطبيبة وتناست الأمر لفترة خاصةً وأنها من الأرياف، وظلت أربع سنوات تعاني في صمت وتنزف بغزارة، وساءت حالتها الصحية للغاية وتضخم الورم حتى أصبحت مهددة بإزالة الرحم بالكامل مع العلم أنها وخلال هذه الفترة لم تقابل طبيبًا واحدًا وافق على عملية إزالة الورم لأنها غير متزوجة، إلى أن اضطرت أن تدَّعي أنها مطلقة وتكتب إقرار بذلك على نفسها وبموافقة والدتها لتتمكن من إجراء العملية، أزيل الورم ومعه فقدت جزء كبيرمن بطانة الرحم.

وتضيف: “ولأنني أعيش مع جدتي لأبي بعد انفصال أبي وأمي فإني أتعرض للتنمر والإذلال يوميًا بسبب هذه العملية من أهلي، خاصةً أنني أصبحت غير عذراء وكأني المسئولة عن وجود هذا الورم، مع الوقت أصبحت حالتي الصحية سيئة وتنتابنى أفكار انتحارية من وقت لأخر أحاول مقاومتها”.

يستطرد أخصائي النساء والتوليد مبينًا أن بعض التكتّلات الليفيّة والأورام الدهنيّة صغيرة الحجم لن تحتاج بالعادة إلى علاج ما لم تُسبّب أعراضًا، ويمكن كذلك علاج الخراجات والأكياس عن طريق سحبها بواسطة إبرة، وفي أغلب الحالات لا تكون بحاجة لعلاج أكثر من ذلك، ويتم استئصالها ثم فحصها في المختبر لتأكيد التّشخيص والعلاج بالمُضادّات الحيوية، وفي بعض الأحيان يتم السّحب والتنظيف الجراحيّ مع التوضيح للمريض ما يعاني منه وطرق العلاج المتاحة حتى يكون على علم وبينة.

وهذا نقيض ما روته “منى محجوب”، 30 عام، عن تجربتها التي بدأت منذ خمس سنوات بظهور آلام متكررة في الثدي فآثرت الصمت والتجاهل لوقت طويل حتى تزايد الألم وأخبرت عائلتها وذهبت لدكتور، الذي أبدى اندهاشه من صغر عمرها ولم يخبرها بما تعاني، اكتفى بطمأنتها مؤكدًا أنها مجرد زيادة في الهرمونات، ولم يطلب منها أشعة إلا عندما ألحت عليه فوافق، ولما ألقى على الأشعة نظرة أكد أنه ما من شيء يدعو للقلق وأن تكتفي بعمل أشعة دورية كل ستة أشهر مع العلم بأن الألم أصبح فى تزايد مستمر كما تؤكد هي، ومع الفحص الذاتي كانت تشعر بكريات صغيرة متحجرة في الثدي .

جربت العديد من الأطباء ولم يخبرها أحد بحقيقة ما لديها واكتفوا جميعًا بنصيحتها بالإسراع بالزواج حتى تزول الآلام وتردف: “ومع خوفى المتصاعد تزوجت بالفعل ولكن الألم لم يزول، وكان رد الأطباء لابد أن تنجبي حتى يزول الألم والأورام وكان قد اقترح آخر أن أقوم بعملية سحب لتلك الأورام الصغيرة فوافقت بعد أن يأست، ولم ينسى ذلك الطبيب أن يجعلني أكتب إقرارًا على نفسي بأني مسئولة مسئولية تامة عن أي مضاعفات بعد العملية وقمت بالعملية ومع الأسف لم يفسر لي حتى الآن ما لدي مع العلم بأن الألم عاد مرة أخرى منذ شهرين”.

وعن الحالة النفسية التي تصيب مرضى الأورام خاصةً الفتيات منهم، توضح الدكتورة “هالة طه” أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر أن للأورام بكل أنواعها آثار نفسية على المرأة تتفاقم وتؤثر على صحتها الجسدية والنفسية إن لم تتم إزالتها عقب اكتشافها، وتضيف أن العديد من الحالات التي تصاب بالأورام قبل الزواج — ونظراً لتعنت بعض الأطباء فى معالجتها — تؤثر سلباً على الإنجاب، حتى أن بعض الحالات قد تكره فكرة الزواج والإنجاب وتعزف عنهما بسبب ما تلاقيه من مماطلة من قبل الأطباء بدعوى أن العلاج هو الزواج والإنجاب، وكأنها مجرد أداة لتلبية رسالة مجتمعية فقط، وليست إنسان يتألم.

وتنوه “طه” كذلك إلى أن هذا التعنت ليس من الأطباء الذكور فقط وإنما من الطبيبات السيدات أيضاً خاصةً ممن يدعين أن بعض الأورام لا تظهر لدى الفتاة إلا إذا كانت متزوجة وخاصةً أورام الرحم وعليه فإنهم يتخذون موقفًا معاديًا تجاه مريضات أورام الرحم من البنات غير المتزوجات وهذا بعيد كل البعد عن رسالة الطب.

“من رحم المعاناة يولد الإبداع”، فعلياً هذا ما حدث مع الفنانة “سمر الجيار” 33 عام والتي رسمت وروت من واقع تجربتها المريرة كوميكس (قصص مصورة) تعبر عن معاناتها مع ورم بالرحم ونشر في موقع ولها وجوه أخرى.

فتروي أنها قضت أربعة أعوام في العذاب المهين لا لشيء إلا لأن أطباء النساء لا يجدون لها علاجًا. فقط أخبروها أن علاجها في قضيب ذكر ما ويجب أن تنتظره كي يتمكنوا من إزالة الورم الليفي داخل الرحم بعدما يزيل سبب إعاقتها (غشاء البكارة).

كما أخبروها في المستشفى العام أن قسمهم في كلية الطب ينص على أنهم لا يعالجون غير المتزوجة. فأقسمت بعدها ألا تزور طبيب نساء مرة أخرى، تقول: “كنت أتحمل الألم لأسبوع وعدم القدرة على الحركة وعدم مقدرتي على العمل خارج المنزل لأنه لا يوجد من يسمح لي بإجازة أسبوع. لكن مع مرور الوقت تدهورت حالتي واشتد النزيف والألم، ولم يعد للنزيف موعد محدد أحتاط له حتى وصل الهيموجلوبين فى الدم إلى 4”.

وكان من تداعيات المرض أن أصيبت بقرحة في المعدة بسبب المسكنات الكثيرة، وأعقبها التهاب في الغشاء البريتوني، تقول: “كدت أموت، لا لشيء إلا لأن أطباء النساء كانوا يرون حالتي بسيطة وتستدعي الضحك، وأنني فنانة وحساسة وأضخم الأمور”.

وبالرغم من اقترابها من الموت — كما تصف — لم يوافق أطباء النساء على إزالة الورم لعدم انتفاء سبب الإعاقة، وأصيبت في الشهر التالي بنزيف لا يستجيب للأدوية، واستمر الرفض حتى علمت عن طبيب يزيل تلك الأورام بمنظار مهبلي لكنه يحافظ على البكارة ويأخذ أضعاف ما يأخذه غيره في الولادة.

وفوجئت أن حجم الورم بعد أن تم استئصاله أضعاف الحجم الذي اعتاد أن يخبرها به الأطباء. وتردف: ” ربما لو كنت طلبت أن أختن لما قابلت كل ذلك الرفض”.

وقررت سمر أن تشارك تجربتها عن طريق الكوميكس، لأنها تعرف أن هناك من يعانين في صمت وترى أنه لا يوجد ما يستحق أن نخوض كل هذا العذاب والألم من أجله خاصةً وسط مجتمع يستهين بآلام النساء مقابل متعة الرجل.

مقتبس من رانية هلال

--

--

| Sima |
zapheer
Editor for

Catch me ranting about hummus and mental health